في جولة مفاجئة بكل معني الكلمة للدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم إلي مدارس حلوان.. اتضح فعلا انها حاجة تكسف جداً.. واقل ما يقال عنها انها بعيدة كل البعد عن معني “مدرسة”
فلا تعليم ولا أخلاق.. ولا ضمير لدي العاملين فيها ولا ايضا بالإدارات التعليمية!!
معظم المدرسين غائبون والفوضي تعم الفصول.. التلاميذ يعيشون حالة لا مبالاة بعد ان فقدوا القدوة وغاب ضمير المدرسين والإداريين والعمال حتي ان أغلب الحصص اليومية تملأ “احتياطي” وأي مدرس موجود بالمدرسة يمكن ان يحل محل زميله الغائب حتي ولو كانت الحصة الاصلية للانجليزي والحاضر مجرد اخصائي اجتماعي!!
الوضع بصراحة لا يحتمل الرأفة بالمقصرين لدرجة ان جميع المرافقين للوزير أثناء جولته المفاجئة من رجال الصحافة والإعلام كانوا يضربون كفاً بكف علي حال المدارس السيئة التي لن يعيدها إلي صوابها سوي المتابعة الميدانية الدقيقة أولا بأول.
بصراحة أكثر الوضع لن “ينعدل” إلا إذا شعر كل مدير مدرسة وناظر ومدرس ان وراءه متابعاً دقيقاً يلزمه بالحضور وإعمال الضمير الذي غاب فغابت معه كل ملامح العملية التعليمية!!
باختصار لايمكن وصف شعور الوزير ومرافقيه بعد ان دخل مدرسة الخلفاء الراشدين الاعدادية بنين في بداية جولته فلم يجد من معالم المؤسسة التعليمية إلا ما يحولها إلي مجرد “مؤسسة احداث” الأمر الذي دفعه إلي اتخاذ قرار بنقل جميع العاملين فيها بدءاً من مدير المدرسة الذي نقل إلي محافظة المنيا. ومروراً بالمدرسين وحتي عمال النظافة الذين صدرت التعليمات بنقلهم إلي اطفيح كأبعد إدارة تعليمية تابعة لمحافظة حلوان!!
ولأن الوضع مستفز جداً لأي مسئول لديه ضمير يخاف علي مستقبل الطلاب.. فإن الوزير اصدر تعليمات فورية بضرورة ترك جميع القيادات الإدارية في الإدارات والمديريات التعليمية لمكاتبهم والنزول إلي أرض الواقع لمتابعة المدارس وإصلاح ما أفسده الاهمال علي مدار الفترة الماضية التي اصاب فيها الخلل كل ارجاء المؤسسات التعليمية.. فلم يعد احد يهتم بمجرد زيارة أقرب مدرسة إلي مبني الإدارة القابع فيه مكتبه!! واصاب الارتخاء جميع مديري المدارس والمدرسين لتأكدهم ان احداً لن يزورهم ولن يتابع ما يحدث داخل المدارس!!
شدد الوزير علي سعيد عمارة مدير مديرية التربية والتعليم بحلوان بضرورة الغاء مكاتب القيادات من مديري المراحل ورؤساء الاقسام والموجهين الاوائل والعموم وجمع مكاتبهم في حجرة واحدة وغلقها “بالضبة والمفتاح” وإعداد جدول يومي لزياراتهم الميدانية للمدارس مع متابعتهم بمعرفة وكيل الوزارة نفسه للتأكد من تنفيذهم لخطط المتابعة الميدانية لعلها تعيد الوضع إلي حاله في المدارس!!
بدأت جولة الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم في السابعة صباحا حيث انطلقت سيارته المرسيدس سوداء اللون ذات اللوحة المعدنية التي تحمل رقم مصر ط. ب. ع 627 من امام وزارة التربية والتعليم دون ان يعلم اي فرد بالوزارة إلي أين ستكون وجهة الوزير.. لتقطع الطريق من شارع سعد زغلول مروراً بكورنيش النيل حتي منطقة المعصرة.. حيث انحرفت يساراً لتدخل سوق الخضار تزاحم السيارة العربات الكارو والنصف نقل دون أن يشعر أحد بأن بداخلها وزير التربية والتعليم شخصياً.
ولأن منطقة المعصرة مزدحمة وشوارعها ضيقة ظل قائد سيارة الوزير يقف بين كل وقت وآخر ليسأل عن مكان ما.. لم نكن نعرفه نهائياً.. حتي فوجئنا في النهاية بالوصول إلي مجموعة مدارس تضم مدارس الخلفاء الراشدين الاعدادية بنين. وهدي شعراوي الابتدائية. وزهراء حلوان الثانوية بنات.
نزل الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم من سيارته وسط غبار الاتربة الذي يغطي كل شيء.. ليدخل مدرسة الخلفاء الراشدين الاعدادية.
الوضع لم يكن ابداً يدل علي انها مدرسة عادية.. فهي اسوأ مدرسة فيما يبدو علي مستوي الجمهورية.. الفناء عبارة عن حفر ومطبات من الاتربة والمخلفات المنتشرة به.. والتلاميذ نصفهم في الفصول.. والنصف الآخر في الحوش بلا مدرسين.
سأل الوزير: أين مدير المدرسة؟ ولم يجد اجابة!!.. فسأل أين حجرته؟! ولما وصفوها له توجه إليها ليجدها مغلقة بالقفل!!
نظر إلي ساعته ووجدها تعدت الثامنة والربع أي اقتربت من انتهاء الحصة الأولي.. والمدير لم يصل بعد إلي المدرسة!!
عاد ليسأل عن وكيل المدرسة.. فلم يجده!!
حاول احد الاخصائيين ان يكذب علي الوزير ويؤكد له ان المدير في الطريق إلي المدرسة.. فنهره الدكتور أحمد زكي بدر قائلا لا تكذب ورد عليه الاخصائي: أنا لا أكذب وقال له بصراحة انت لا تكذب لكنك الكذب نفسه!!
عاد الوزير مرة ثالثة للسؤل عن فراش المدرسة المسئول عن النظافة.. فلم يجد أحداً!!
الطريف ان الوزير كان كلما سأل عن وظيفة أي شخص أمامه كان الرد انه اخصائي اجتماعي.. فكان التعليق التلقائي للوزير: “بصراحة كلكم اخصائيين وانتم عاوزين اخصائيين يكشفوا عليكم”!!
By: محمد النجار
Leave a Reply